ادعمنا

الحكومة العالميّة - World Government

اندلعت العديد من الحروب والصراعات بين مختلف الأطراف، فإنّ التاريخ مليء بهذه الحالات. كما أنّ في عصرنا الحالي ما زال هناك العديد من النزاعات الدوليّة. وبالتالي إنّ الحرب والسلم قضيّة قديمة وحديثة في الوقت عينه، فعلى الرغم من المتغيرات والتحوّلات العالميّة إلّا أنّ هناك العديد من التحديات التي تُهدد السلم والأمن الدوليين. وقد ذهب بعض المفكرين إلى صياغة طروحات لمحاولة احتواء التحديات وقد كان من بينها الحكومة العالميّة بغية تجنّب الحروب، فاعتبروا أنها الطرح النموذجي الذي يُساهم في لجم معدّل الحروب ونشر السلام والتقارب ما بين دول العالم. فما المقصود بذلك وما هي أبرز الأطراف الفاعلة؟ وإلى أي مدى يُمكن الوصول إليها في ظل الأوضاع الراهنة وما يُواجهه النظام العالمي من مخاطر؟ 

 

تعريف الحكومة العالميّة

إنّ "الحكومة العالميّة" مكوّنة من مصطلحين من "الحكومة" و "العالميّة". فتُعرّف الحكومة تبعًا للمعجم السياسي على أنّها هي أشخاص لهم السلطة لاتخاذ القرارات العامة والطريق التي توزع بواسطتها القيم على أفراد الجماعة وإدارة وتوجيه وضبط الأمور العامة على يد هيئة سياسية". كما تُعرّف "العالميّة" في معجم اللغة العربيّة المعاصرة على أنّها: "مصدر صناعي من عالم حركة إنسانية تعمل على خدمة البشرية، والتقارب بين الشعوب دون المساس بهوياتها وخصوصياتها الثقافية". بالإضافة إلى ذلك تُعرّف الحكومة العالميّة تبعًا لقاموس بنغوين للعلاقات الدوليّة كالتالي: "هي مركزية السلطة المسندة إلى هيئة موحدة تتخطى الحدود القومية (supranational) وتتمتع بصلاحيات تشريعية وتنفيذية فضلًا عن احتكار استخدام القوة. في هذه الحكومة تتنازل الدول عن سيادتها وتتم تسوية المنازعات بالقرارات القضائية التي تصدر في ظل نظام واحد للقانون العالمي. ومن شأن تركيز الصلاحيات وإيجاد سلطة عالمية واحدة أن تنطوي بشكل طبيعي على نزع سلاح الدول وأن يكون مقصدها الأساسي وسبب وجودها المنطقي المحافظة على السلام والنظام الدوليين".

 

مفهوم الحكومة العالميّة

يُعرّف كل من غراهام ايفانز- Graham Evans و جيفري نونيهام- Jeffrey Newnham الحكومة العالميّة بأنها عبارة عن 'مركزيّة السلطة المستندة إلى هيئة موحدة تتخطى الحدود القومية، وتتمتع بصلاحيات تنفيذية وتشريعية، فضلًا عن احتكار استخدام القوة، وفي هذه الحكومة تتنازل الدول عن سيادتها بما يضمن تسوية المنازعات بالقرارات القضائية التي تصدر في ظل نظام واحد للقانون الدولي". وبالتالي إنّ هذا التعريف يُحدّدها بهيئة موحّدة لديها سلطة مركزيّة تمتلك جميع الصلاحيات. بالإضافة إلى ذلك يشير جيمس أ. ينكر- James A. Yunker إلى أنّ "تتضمن الفكرة المعاصرة للحكومة العالمية استقراءًا مباشرًا للحكومة الوطنية النموذجية اليوم لتشمل جميع بلدان الأرض. وكما هي الحال مع الحكومة الوطنية النموذجية اليوم، فإنّ مثل هذه الحكومة لن تقتصر على مجرد فرض السلام بين المناطق المكونة لها؛ إنّما ستسعى إلى تحسين رفاهية مواطنيها من خلال مختلف المؤسسات والإجراءات المدعومة من القوانين المعمول بها". فيعتبرها بمثابة مثيل للحكومة الوطنيّة ولكنّها تشمل دول العالم كافّة.

بالإضافة إلى ذلك يُعرف محمد حسن الإيباري الحكومة العالميّة بأنّها: "تنظيم عام شامل متكامل متدرج تكون فيه سلطة هيئة الأمم المتحدة السلطة العليا، وتستمد قدرتها على الوفاء بالتزاماتها من قوة دستورها (أو ميثاقها ) ثم من التنظيمات القضائية الفعالة التي تستطيع ان تردع كل خارج على الدستور، وأخيرا من قوة بوليسية، والتي يمكن لها أن تحركها إلى أية منطقة يحدث فيها اضطراب أو مخالفة للنظام". وتعريفه متقارب مع غيره من الفكرين الذين يرون فيه أنّ الحكومة العالميّة هيئة عليا، ولكن البعض يعتبر أن الأمم المتحدة ليست هي هذه الهيئة وإنّما قريبة لها ولكن لم تتبلور بعد الحكومة العالميّة.

 

التمييز ما بين الحكومة العالميّة والحكم العالمي 

إنّ ترجمة الحكومة العالميّة في اللغة الإنكليزيّة هي World Government والبعض يُطلق عليها Global Government، أمّا ترجمة الحكم العالمي تتمثّل في Global Governance. قد يبدو للبعض أنّ الحكومة العالميّة والحكم العالمي هما مصطلح واحد، وإنّما هناك فوارق متنوّعة بينهما. إنّ الفرق الجوهري بينهما هو أنّ الحكومة العالميّة تتكوّن من سلطة مركزيّة أحاديّة، بينما الحكم العالمي يتكوّن من علاقات بين مختلف الجهات سواء الدول أو غير الدول. فإنّ الحكومة العالميّة تمثّل هيئة أي إطار منظّم فعلي بينما الحكم العالمي تمثّل عمليّة حيويّة تتفاعل فيها الدول والمؤسسات دون وجود حكومة عالميّة مركزيّة موحّدة. فتعتبر في هذا السياق يسرى كريم العلاق أنّ هناك مجموعة من المتغيّرات التي أدّت إلى التحوّل في استخدام المصطلحات وأضحى هناك انفصال في المفاهيم، فتقول في هذا الصدد: "وهكذا فإنّ أكثر التفسيرات شيوعًا لأسباب انفصال الحكم عن الحكومة والذي أصبح يعرف بـ 'التحول من الحكومة إلى الحكم' أو 'الحكم من دون حكومة'، هي أنّ طبيعة التغيرات الكبيرة في البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أثّرت في قدرة الدول بإدارة وتنظيم مجتمعاتها بصورة مستقلة ومنفصلة عن تأثير الأطراف والجهات الفاعلة الأخرى، ومن ثم أدى ذلك إلى تحولات مهمة في الحكم وطريقة الإدارة والتنظيم في داخل الدول وخارجها". فإنّ الحكم العالمي يُسلط على دور الجهات الفاعلة الحديثة في النظام العالمي.

 

مرتكزات الحكومة العالميّة

يرى أنصار فكرة الحكومة العالميّة أنّ لا يُمكن التخلّص من الحروب والفوضى الدوليّة دون أن يكون هناك حكومة عالميّة التي لديها مجموعة من المبادئ والمرتكزات التي تقوم عليها. أوّلًا تفترض وجود قانون أو دستور عالمي يُنظّم عمل الحكومة العالميّة، إذ أنّها ترتكز على منح المؤسسات العالميّة المركزيّة السلطة القانونيّة التي تجعلها قادرة على أن تسن القوانين والتشريعات التي يكون لديها سلطة إلزاميّة على الدول للتقيّد بها وتحقيق الغاية التي نشأت من أجلها. كما أنّ ترتكز الحكومة العالميّة على المجتمع العالمي الذي يُعد شرطًا لها، حيث تتطلّب وجود قيم مشتركة تعزّز الشعور بالانتماء والدفاع عن مصالح وقواعد مشتركة تتضامن الشعوب من أجلها. إذ يعكس المجتمع العالمي "تكوّن هوية عالمية مبنية على أساس وجود مصالح وقيم وقواعد مشتركة بين شعوب العالم ومن دون تفرقة، وتتطلّب هذه الهوية العالمية وجود کیان سیاسي عالمي ممثلة بالحكومة العالمية، يعمل على تلبية احتياجات المجتمع العالمي". 

فضلًا على ذلك هناك مرتكز آخر يتمثّل باحتكار الاستخدام الشرعي للقوّة، إذ يؤكّد مؤيدو الحكومة العالميّة أنّ الدول عليها أن تتخلّى عن استخدام القوّة وإعطاء هذه الصلاحيّة فقط للسلطة المركزيّة وذلك بغية تحقيق السلام العالمي، حيث يعتبرون أنّ منحها هذا الحق يُضفي عليها الشرعيّة إذ تأخذ هذا الحق استنادًا إلى القانون أو الدستور العالمي. فهذا ما يتطلّب تشكيل قوّة عسكريّة عالميّة تُحل مكان الجيوش الوطنيّة، ونزع السلاح من الدول وبالأخص النووي مع الإبقاء على الأسلحة الضيقة التي تستطيع من خلالها الحفاظ على أمنها الوطني على الصعيد المحلي. وكذلك المرتكز الأخير يتجلّى بالديمقراطيّة العالميّة وذلك بمنع استبداد الحكومة العالميّة إذ تُعتبر شرطًا مسبقًا لقيام الحكومة العالميّة والمرتكز الأساسي في تشكيلها وإدارة الشؤون التابعة لها. فإنّ السمة القائمة عليها التي تتمثّل بالديمقراطيّة تتطلّب اللجوء إلى الانتخابات لاختيار هيئاتها، والمشاركة في اتخاذ القرارات والعمل على ضمان الحقوق والحريّات.

 

وسائل إقامة الحكومة العالميّة

إنّ إقامة الحكومة العالميّة تُعتبر فكرة معقّدة وتتباين حولها الآراء بشكلٍ واسع. فلغاية اليوم لا يوجد وسائل واحدة متفق عليها لإقامة الحكومة العالميّة. ومن النماذج عن هذه المقترحات لإقامة الحكومة العالميّة هو الإطار الذي وضعه واين د. ويليامز- Wayne D. Williams حول هيكليّة إقامة الحكومة العالميّة؛ الذي اعتبر أنّها تقتضي توفير مجموعة من المطالب، فيقول: "مفهوم الحكومة العالمية يتضمن بالضرورة إنشاء قوة وسلطة عليا في العالم. هذا هو المطلب الأول والأساسي للحكومة العالمية". إذ يقصد بالسلطة العليا القوّة المنظّمة التي تستطيع التنظيم وكبح العنف في حال حصوله ممّا يُعطي قّوّة ردع. أمّا المطلب الثاني الذي حدّده يتمثّل بأن تكون هذه الحكومة فيدراليّة وتمتلك سلطة قضائيّة. إذ اعتبر أنّ لا بدَّ منح الحكومة العالميّة الصلاحيّات عبر دستور عالمي ممّا يُمكّنها من حفظ السلام. وذلك من خلال إعطائها صلاحيّة تنظيم انتشار أسلحة الدمار الشامل وتنظيم حجم وأسلحة المؤسّسات العسكريّة الوطنيّة وكل الصلاحيات الأخرى التي تريدها لحفظ السلام وتطبيق القانون العالمي. وقد اعتبر واين أن لا بدَّ من تحديث الأمم المتحدة لتحويل أجهزتها إلى أجهزة الحكومة العالميّة، من حيث السلطة التشريعيّة أعطاها للجمعيّة العامة للأمم المتحدة مع بعض التعديلات. أمّا فيما يتعلّق بمجلس الأمن رفض أن يكون في الحكومة العالميّة كما هو حاليًّا، وإنّما اعتبر أنّه يجب أن تتمثّل السلطة التنفيذيّة بمجلس وزراء معيّن من قبل الهيئة التشريعيّة وممثّل أمامها. وفيما يتعلّق بالسلطة القضائيّة يُشير إلى ما يلي: "أمّا بالنسبة للمحاكم، فإن محكمة العدل الدولية ستبقى بطبيعة الحال. بالإضافة إلى ذلك، سيكون من الضروري منح المحاكم السلطة القضائية لتلقي الاتهامات بشأن انتهاكات قوانين الأمم المتحدة، والتي يمكن من خلال وكالتها محاكمة المخالفين ومعاقبتهم.". إنّ هذا الإطار الذي وضعه واين هو مجرّد مقترح من بين العديد من المقترحات الأخرى التي لا زال مختلف الباحثين يُحاولون صياغتها.

 

الحرب والحكومة العالميّة

إنّ قيام الحكومة العالميّة بغية تجنّب اللجوء إلى الحروب في تسوية النزاعات الدوليّة، يتطلّب تبعًا لبعض المفكرين تحليل أسباب الحرب أوّلًا. فتبعًا لبرتراند راسل- Bertrand Russell هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى الحرب. ومن بين هذه الأسباب وضّح أوّلًا الأسباب السيكولوجيّة أي ربط دوافع الحرب إلى الدوافع الدفينة في السلوك البشري التي تدفعه إلى هذا الخيار. حيث "يرى رسل أنّ جميع الدوافع التي تدفع إلى الحرب يمكن ردها إلى أصل غريزي واحد هو 'تأكيد الذات' في مواجهة الآخرين، غير أنّ هذا الأصل الغريزي الواحد يمكن تفريعه إلى مجموعة من الدوافع أهمها تأكيد الذات من خلال دافع العدوان على الآخرين، أو تأكيدها من خلال رد العدوان، أو تأكيدها من خلال الحركة المتجددة التي تكسر رتابة النمط المألوف من الحياة".وهذا السبب ليس متفق عليه بين جميع المفكرين وذلك لاختلاف الآراء حول طبيعة السلوك البشري.

بالإضافة إلى ذلك يُوضّح أنّه هناك سبب آخر مرتبط بمشكلة العداء العنصري حيث بعض الجماعات تندفع نحو الحرب لأنّها ترغب في أن تشعر بتفوّقها، والبعض الآخر يخاف أن يُصبح في مركز أدنى. كما أنّ هناك سببًا آخر يتمثّل بمشكلة اختلاف العقائد والأيديولوجيات لأنّها تؤدّي إلى التعصّب ويُولّد الكراهيّة بين مختلف الجهات ممّا يُعزّز فرصة اندلاع الحروب. فضلًا على ذلك إنّه عرض أنّ العلم الحديث واكتشاف أسلحة الدمار الشامل من بين أسباب الحروب. حيث أنّ الجهات المتحاربة تتجه نحو تطوير الأسلحة التي تُساعدها في حسم المعارك لصالحها ولكنّ بالطبع نتائجها كارثيّة. فإنّ هذه الأسباب التي حدّدها برنارد لويس لاندلاع الحروب هي من بين التحديات التي تُواجه قيام حكومة عالميّة، فتقول نجاح محسن: "هي أسباب الحرب كما رآها برتراند رسل ، والتي من شأنها أن تعوق قيام الحكومة العالمية هذه". أي أنّ هذه الأسباب تتحوّل لمعوّقات تحول دون قيامها إن لم تُبذل الجهود إلى الحد من هذه الأسباب ومعالجتها. 

 

تحديات تواجه إنشاء الحكومة العالميّة

إنّ طرح إنشاء الحكومة العالميّة يُواجه مجموعة من التحديّات التي تحول دون تحقيقها. فمن بينها المخاوف على الدول القوميّة، حيث أنّ في الحكومة العالميّة ستتنازل الدول عن سيادتها المطلقة لمصلحة سلطة الحكومة العالميّة وهذا ما يؤثّر على السيادة، وبالتالي إنّ القادة المحليين وحكام الدول يرفضون هذه المسألة كونها ستؤدي إلى فقدانهم مراكزهم وتأثيرهم. أمّا التحدّي الآخر الذي يؤخّر إنشاء حكومة عالميّة هي المخاوف من استبداد الحكومة العالميّة، حيث أنّ الغاء سيادة الدول سيؤدّي إلى ظهور المقاومة من قبل الدول المعارضة لذلك وبالتالي إنّها ستؤدي إلى الفوضى، وعند الوصول إلى الفوضى ستعمد سلطة الحكومة العالميّة إلى قمع ذلك. إذ "بدلًا من أن تكون الحكومة العالمية وسيلة للقضاء على الحروب والفوضى سينجم عن القمع والاضطهاد الذي تمارسه الحكومة لإخضاع ثورات واحتجاجات المقاومة دخول العالم في صراعات وفوضى عالمية كبيرة". وفي هذا الإطار من التحديات أيضًا هناك الخوف من فقدان الهويّات المحليّة كالثقافات والحضارات الخاصة بالشعوب، كون أنّ تبني هويّة عالميّة موحّدة من قبل شعوب العالم بأكمله هو تحد قائم بحد ذاته للحكومة العالميّة. وبالتالي إنّ هناك تحديات أخرى مرتبطة بمدى إمكانيّة تحقيقها للسلام والأمن الدوليين وتجنب الصراعات والحروب في ضوء كل ما ذُكر آنفًا، فضلًا عن الآليّة التي ستستطيع أن تُواجه الاعتراضات والآراء المتباينة على تشكيلها واداراتها، وكذلك من حيث العضويّة وشكل النظام والصلاحيات وكل ما يرتبط بها من ناحية التنظيم والقرارات.

 

انتقادات حول الحكومة العالميّة

قد تبدو للبعض فكرة إقامة الحكومة العالميّة طرحًا مثاليًّا يُؤدي إلى القضاء على الحروب والفوضى في العلاقات الدوليّة بينما للبعض الآخر وجهات نظر مُخالفة لذلك. فييشير غراهام ايفانز- Graham Evans وجيفري نيونهام- Jeffrey Newnham إلى أنّ يُجادل منتقدو هذه المشاريع أنّ "الحكومة العالمية قد تقود إلى الطغيان العالمي؛ وأن الحروب، بمعنى العنف بين الدول، إنما ستستبدل بحروب أهلية أو تمرد إقليمي؛ وأن الدساتير لا تخلق الاندماج (التكامل) إنها هي نفسها نتاج لها وأن المسألة العملية المتمثلة بالقيام في وقت واحد بالحصول على الموافقة على التخلي عن السيادة من قبل أكثر من مائة وتسعين دولة لم يتم التصدي لها بشكل ملائم قط. لهذه الأسباب وغيرها فإن الداعين إلى حكومة عالمية قد همشوا بصفة عامة على أنهم مثاليون ويوطوبيون من ذوي النية الحسنة ولكنهم ضلوا السبيل". فبذلك لديهما مخاوف من تحوّل الحكومة العالميّة إلى طغيان عالمي، وكذلك من الحروب الأهليّة وغيرها من الأزمات التي من الممكن أن تندلع.

بالإضافة إلى ذلك يقول أمين يعقوب: "إن الحكومة العالمية، رغم كونها طوباوية من الناحية النظرية، قد تكون فكرة شريرة في الممارسة العملية. وبدلًا من تحقيق حلم إرساء السلام العالمي، فإنّها يمكن أن تنتقص من هذا الحق الأساسي". إذ لم يراها حلًّا مناسبًا لتكريس السلام وإنّما ستُهدّده وتؤثّر عليه سلبًا. 

كما أنّ يُشير في هذا السياق جمال سند السويدي يشير إلى أنّ: "منتقدو هذه الفكرة يرون أنها تتعدى على حريات الدول والأمم، كما أنّها تعترض حريات الأفراد الذين لا يستطيعون، إذا كانت الحكومة العالمية مستبدة، الحصول على حق اللجوء السياسي في ظل أي حكومة بديلة. ويرى أصحاب هذا الطرح أن سيناريو الحكومة العالمية يقع داخل دائرة غير الممكن، بل غير المرغوب فيه، ويعتبر هؤلاء أن تصور وجود شعب عالمي يبدو مستحيلاً في ظل التنوع الهائل في الشعوب ما يجعل أي شكل من أشكال الديمقراطية الليبرالية في الوضع العالمي الحالي غير قادر على تجاوز العقبات القائمة".إذ يُسلط السويدي على الانتقادات التي طُرحت من قبل المعارضين، إذ يعتبروا أنّ هناك مجموعة من العقبات التي تجعل إقامة حكومة عالميّة فكرة غير قابلة للتحقّق.

لذا إنّ الحكومة العالميّة فكرة راودت العديد من المفكرين ولا تزال لغاية اليوم لها مؤيدين، وبالمقابل هناك العديد من المعارضين لها كون طرحها يترافق مع تحديات عديدة. فإن كانت الأمم المتحدة التي هي عبارة عن منظّمة دوليّة تعجز في العديد من الحالات في الحفاظ على حقوق وحريات بعض الشعوب ورغم كل الأعوام التي مرت على تأسيسها إلّا أنّ لم تصل إلى غايتها الأساسيّة في تكريس السلم والأمن الدوليين. حيث أنّ تعارض المصالح الدوليّة والهيمنة من قبل الدول الكبرى تُعيق اتخاذ القرارات اللازمة، فكيف يُمكن للدول رغم الاختلافات الجوهريّة فيما بينها أن تتحد لتشكيل حكومة عالميّة؟

 

 

 

 

المصادر والمراجع:

وضاح زيتون، المعجم السياسي، دار أسامة، الأردن، 2010.

أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربيّة المعاصرة، عالم الكتب، الطبعة الأولى، مصر، 2008.

غراهام ايفانز وجيفري نيونهام، قاموس بنغوين للعلاقات الدولية، مركز الخليج للأبحاث، الطبعة الأولى، الإمارات العربية المتحدة، 2004.

 هاني رمضان طالب، مفهوم "الحكومة العالميّة" في النظريّة الليبراليّة للعلاقات الدوليّة، المركز الديمقراطي العربي ألمانيا، 2020.

محمد حسن الإيباري، المنظّمات الحديثة وفكرة الحكومة العالميّة، الهيئة المصريّة العامة للكتاب، القاهرة، 1978.

يسرى كريم العلاق، الحكومة العالميّة وتطوّرات النظام الدولي، دار الخليج للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الأردن، 2020.

نجاح محسن، الحكومة العالميّة عند برتراند رسل، دار الفتح للإعلام العربي، القاهرة، 2003.

جمال سند السويدي، آفاق العصر الأميركي- السيادة والنفوذ في النظام العالمي الجديد، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الإمارات، 2014.

James A. Yunker, The Idea of World Government- From ancient times to the twenty- first century, Routledge Global Institutions, UK, 2011.

Amin R. Yacoub, “A WORLD GOVERNMENT: A CRITICAL LOOK INTO THE PRESENT, TO FORESEE THE FUTURE”, NYU Journal of International Law and Politics, Vol. 50: 1443, 2018.

Wayne D. Williams, World Government, Dicta, Volume 26, Issue 4, 1949.

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


للتواصل والاستفسار

[email protected]
كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2025 .Copyright © Political Encyclopedia