المنظمات الدولية - The International Organizations

تختلف تعاريف المنظمات الدولية حسب طبيعة ووظيفة كل منها ولما لها من أهداف سـياسـيّة واقتصادية واجتماعية وقانونية وثقافية، مع العلم أن مفهوم المنظمات توسع وتطور مع مرور الزمن نتيجة للتطور الهائل في العديد من المجالات لما تم فرضه بإنشاء منظمات دولية تتولى تنظيم المصالح الدولية بين الدول بشكل يحقق المنافع المتبادلة للجميع عن طريق وضع الوســـائل الكفيلة في تنظيم العلاقات بين الدول وتنسيق مصالحها. فيمكن اعتبارها بأنها هيئة دولية من العديد من الدول تهدف إلى حماية المصالح المشتركة للدول الأعضاء. كما يمكن تعريفها كشخص معنوي من أشخاص القانون الدولي ينشأ عن اتحاد مجموعة من الدول لرعاية مصالحها المشتركة فيما بينها، ويكون له الإرادة الذاتية في المجتمع الدولي. كذلك المنظمات الدولية لا تتمتع بطابع الربحي بتاتاً باعتباره احد شروطها أو خصائصها التي تمتاز بها اختلافاً عن المنظمات والشركات الأُخرى التي تستهدف في نشاطها الربح، كذلك تمتاز المنظمات الدولية بالاستقلالية في نشاطاتها ودوافعها عن تأثير حكومة أو سلطة معينة، أي بمعنى الاستقلالية في عضويتها.

فيمكن من خلال هذه التعريفات وغيرها استخلاص تعريف جامع للمنظمات الدولية بأنها شخصية طوعية إرادية بناء على اتفاق بين دول بعيد عن طابع الحكومة بهدف تحقيق أهداف إنسانية لها سمة كبيرة تصل للعالمية مع الابتعاد عن الوجه الربحي. وكذلك يمكن التعرف من خلال التعريفات جميعها على عناصر المنظمات الدولية على أنها:

1. مجموعة من الدول: أي أنَّ المقوم الاساسي لأي منظمة دولية هو وجود مجموعة من الدول التي تجتمع بدافع هدف أو تحقيق منفعة أو مصلحة مشتركة. هذا يعني أنه لا يمكن إقامة منظمة دولية من دولة واحدة.

2. الصفة الدولية: أي انها تضم دولاً كأعضاء كل منها تتمتع بصفة دولية ذات شخصية دولية واجتمعت لتشكل شخصية قانونية دولية جديدة لحماية وتحقيق مصالحها.

3. الارادة خاصة ومستقلة: فالمنظمات الدولية لها صفة قانونية خاصة مستقلة عن إرادة الدول الاعضاء، وتمـارس أعمـالهـا من دون أن تكون خاضعة لتوجيهـات حكومة أو دولـة معينـة في المنظمـة ولها العديد من الاختصاصات المحددة في معاهدة إنشائها. 

4. صفة الدوام: فالهدف من تأسيس المنظمة الدولية تحقيق المصلحة المرجوة من أنشائها بشكل دائم ومستمر أي لا يمكن أن يكون مؤقتاً أو عرضياً لفترة محدودة وبعدها تنتهي أو تزول المنظمة بزوال السبب. ويقصد بصفة الدوام أي أن يكون للمنظمة الدولية القدرة على ممارسة نشاطاتها لتحقيق أهدافها في أي وقت ممكن، إنما ليس بمعنى أن تعمل بصورة دائمة دون توقف بتاتاً.

5. معاهدة دولية: يقصد بالمعاهدة حسب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 بأنها "الاتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظمه القانون الدولي، سواء تضمنته وثيقة واحدة أو وثيقتان متصلتان أو أكثر ومهما كانت تسميته الخاصة". وهذا يدل أن المعاهدة شرطا أن تكون مكتوبة بين دول الاعضاء، فلا يعتد بالشفاهة، بحيث تكون أكثر وضوحاً  كونها تتضمن أحكام واضحة لتنظيم العلاقات وتسهيل عملية الرجوع لها. 

بالاضافة إلى بعض العناصر الاخرى التي تم ذكرها في مختلف الكتب والتي تعتبر عناصر بنيوية إلى جانب ما ذكر اعلاه ككيفية التصويت واجراءات اتخاذ القرار ووالاثر القانوني لهذه القرارات.

هنالك العديد من المصادر الأساسية والقواعد القانونية التي تطبقها المنظمات الدولية وتعتمدها في أعمالها والتي تبدأ بمعاهدة المنشئة للمنظمة والتي تعتبر بمثابة دستور المنظمة، ثم المعاهدات الدولية التي تنشئها دول الاعضاء فيما بينها، يلها احكام القانون الدولي ومصادره بما فيها من المعاهدات الدولية، العرف الدولي وغيرها، كذلك اللوائح الداخلية والقرارات التي تضعها وتتخذها المنظمة والقواعد المكتوبة أو العرفية التي تستمد من نشاط المنظمة.

أنواع المنظمات الدولية 

تتنوع المنظمات الدولية في كون البعض منها يعتبر من المنظمات الدولية الحكومية والبعض الآخر غير حكومية، والبعض تميز بأنها منظمات حسب طبيعة ومجال نشاطها، وهناك منها تميز حسب نطاق عضويتها. فالمنظمات الدولية الحكومية من تكتمل فيها العناصر المذكورة سابقاً كلها دون استثناء أما المنظمات الدولية الغير حكومية فتفتقر لعنصر الشخصية القانونية بحيث تكون ناشئة وفق قانون دولة معينة ليس وفقا لمعاهدة دولية، أيضا أعضائها يكونوا اشخاصاً عاديين وليس دولا.

المنظمات الدولية يتم تقسميها حسب اختصاصها من منظمات متعددة الأنشطة كمنظمة الأمم المتحدة، إلى منظمات ذات اختصاص نشاطي واحد كصندوق النقد الدولي، كما يمكن أن يتم تصنيفها من حيث المكان من منظمات عالمية إلى منظمات إقليمية. فالمنظمة العالمية تضم كل الدول أو تسمح بانضمام دول جديدة أما المنظمات الإقليمية تضم دول محددة يجمعها رابط تضامني فيما بينها سواء جغرافياً كجامعة الدول العربية، أو أمنياً كمنظمة حلف شمال الاطلسي، أو اقتصادياً كمنظمة الدول المصدرة للبترول.

فالمنظمات الدولية ممكن أن تكون شاملة أو نوعية من حيث مجال نشاطها، فيقصد بالشاملة التي تختص بكثير من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية كمنظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، أما النوعية فيختص نشاطها فقط في مجال معين، مثال فقد يكون اقتصاديا ًكالبنك العالمي أو اجتماعياً كمنظمة العمل العالمية وغيرها من مجالات المتعددة. أما في ما يتعلق بطبيعة نشاط المنظمات الدولية، فتكون إما سلوكية عن طريق تأسيس قواعد دولية سواء عامة أو خاصة أو العمل على تنفيذ القواعد سابقة التنفيذ أو التطبيق، ويمكن أن تأخذ شكل اتفاقيات أو قرارات دولية والعمل على مراقبة تطبيقها، أو عملية (مادية) عن طريق التصرف والإدارة بما تمتلكه من وسائل وموارد. 

بعض الأمثلة على منظمات دولية مشهورة دولياً

1. منظمة الأمم المتحدة (The United Nations (UN: منظمة دولية تأسست في عام 1945 ويقع مقرها الرئيسي في مدينة نيويورك. وهي تتألف حاليًا من 193 دولة عضو.  وتهدف كما هو منصوص في ميثاقها الى "أ) حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها. ب) إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام. ج) تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء. د) جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة."

2. اليونسكو UNESCO: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة أنشئت في عام 1945 ويقع مقرها الرئيسي في العاصمة الفرنسية- باريس. وتهدف إلى "إرساء السلام من خلال التعاون الدولي في مجال التربية والعلوم والثقافة والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المحددة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015.

وكذلك ترسيخ أسس السلام الدائم والتنمية المنصفة والمستدامة. ويُمثل النهوض بالتعاون في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال والمعلومات قضايا استراتيجية في عصر تواجه فيه المجتمعات في شتى أنحاء العالم ضغوطاً متزايدة تدفع نحو التغيير، ويواجه فيه المجتمع الدولي تحديات جديدة."

3. الإنتربول ICPO: وتدعى بالمنظمة الدولية للشرطة الجنائية، وهي منظمة دولية حكومية تأسست عام 1914 وتضم194  بلداً عضواً ويقع مقرها الرئيسي في مدينة ليون- فرنسا، وتتمحور انشطتها حول " أ) مكافحة الإرهاب - منع الأنشطة الإرهابية عبر الكشف عن هوية أعضاء الشبكات الإرهابية والمنتسبين إليها وتقويض العوامل الرئيسية التي تمكنهم من تنفيذ أنشطتهم: السفر، والتنقل، واستخدام اإلنترنت، واألسلحة والمواد، والتمويل. ب) الجريمة السيبرية - تتصدى المنظمة بشكل رئيسي ”للجرائم السيبرية البحت"أي الجرائم التي تطال الحواسيب ومنظومات المعلومات. وتكافح المنظمة أيضا الجرائم التي تيسَر الإنترنت ارتكابها لأن استخدام التكنولوجيا يوسع نطاق جرائم من قبيل الاحتيال المالي واستخدام الإرهابيين لشبكات التواصل الاجتماعي. ج) الجريمة المنظمة والناشئة - مكافحة الشبكات الإجرامية عبر الوطنية وشل حركتها، وكشف التهديدات الإجرامية الناشئة وتحليلها والتصدي لها."

4. منظمة الصحة العالمية WHO: تأسست عام 1948 ويقع مقرها الرئيسي في العاصمة السويسرية، جنيف، وهدفها الأساسي هو "تعزيز الصحة والحفاظ على سلامة العالم وخدمة المستضعفين. بالاضافة إلى التركيز على الرعاية الصحية الأولية لتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية عالية الجودة وكذلك تحسين الوصول إلى الأدوية الأساسية والمنتجات الصحية." وفيما يخص حالات الطوارئ فتسعى الى " أ) الاستعداد لحالات الطوارئ من خلال تحديد، تخفيف وإدارة المخاطر، ب) منع حالات الطوارئ ودعم تطوير الأدوات اللازمة أثناء تفشي المرض، ج) دعم تقديم الخدمات الصحية الأساسية في الأماكن الهشة." وتسعى الى تحقيق أهدافها من خلال " أ) توفير القيادة في الأمور الحاسمة للصحة والدخول في شراكات حيث يلزم العمل المشترك، ب) رصد الوضع الصحي وتقييم الاتجاهات الصحية، ج) تقديم الدعم الفني وتحفيز التغيير وبناء القدرات المؤسسية المستدامة"

5. منظمة التجارة العالمية WTO: تأسست عام 1995 ويقع مقرها في العاصمة السويسرية- جنيف، وتقوم بإجراء مفاوضات واتفاقيات تجارية بما يخص البضائع والخدمات والملكية الفكرية، تسوية المنازعات التي ممكن ان تنشأ بما تخص التجارة بموجب مذكرة تفاهم لتسوية المنازعات لضمان تدفق التجارة بسلاسة، وبناء وتقوية القدرة التجارية عن طريق اتفاقيات وفرض التزامات على الدول لتوسيع تجارتها وخصوصاً في الدول النامية.

6. منظمة حلف شمال الاطلسي NATO: تأسست عام 1949 ويقع مقرها الرئيسي في العاصمة الأمريكية- واشنطن العاصمة. ويستمد تسميته من هدف تأسيسه والذي يضمن أغلب دول التي تقع شمال المحيط الاطلسي. ويمكن الهدف الأساسي والدائم للحلف في "حماية حرية وأمن جميع أعضائه بالوسائل السياسية والعسكرية. يقع الدفاع الجماعي في قلب التحالف ويخلق روح التضامن والتماسك بين أعضائه." ويرتكز على تحالف سياسي وعسكري بين دول الأعضاء ودفاع جماعي عند حدوث خطر على أحد دول الأعضاء ويعتمد مبدأ أي اعتداء على أي دولة عضو كأنه اعتداء على جميع الدول الحلف.

7. الاتحاد الاوروبي  (European Union (EU: هو أحد المنظمات الإقليمة ومن مسماه يشمل فقط الدول قارة اوروبا وتأسس عام 1993 ويقع مقره في العاصمة البلجيكية- بروكسل، يعتمد على مبدأ "الحريّات الأربع" والتي تقضي بتمكين الأفراد والسلع والخدمات ورأس المال من التحرّك بحريّة بين كافة الدول الأعضاء في الاتحاد. وأهدافه الرئيسية تتمحور "أ) تأسيس المواطنة الأوروبية بما تشمله من الحقوق الاساسية، الحقوق المدنية والسياسية وحرية التنقل، ب) ضمان الحرية والأمن والعدل (التعاون في الشؤون الداخلية والعدل)، ج) دعم التقدم الاقتصادي والاجتماعي (السوق المشتركة، العملة المشتركة اليورو، التنمية الاقليمية، قضايا حماية البيئية)، د)  تقوية دور أوروبا في العالم (سياسة خارجية وأمنية موحدة، الاتحاد الأوروبي والعالم)".