ادعمنا

دكتاتورية البروليتاريا - Dictatorship of Proletariat

ابتكر الاشتراكي الثوري جوزيف ويدماير- Jouseph Weydemeyer   مصطلح دكتاتورية البروليتاريا، الذي تبناه كارل ماركس-  Karl Marx وفريدريك إنجلز- Fredrick Engles لفلسفتهما واقتصادهما. ويشير مصطلح الدكتاتورية إلى سيطرة جهاز الدولة الكاملة على وسائل الإنتاج، حيث سيخدم تخطيط الإنتاج المادى الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للسكان، مثل: الحق في التعليم والصحة وخدمات الرفاهية والإسكان.

ومما تشتهر به النظرية الماركسية هو تنبؤها، بناء على تحليل علمي وموضوعي، حسب اعتقاد ماركس وأتباعه، بنهاية النظام الرأسمالي وحلول النظام الشيوعي مكانه، واختفاء الدولة التي يرتبط وجودها بوجود هذا النظام الرأسمالي نفسه. وستلعب ما تسمّيه الأدبيات الماركسية بـ”ديكتاتورية البروليتاريا”، أي ديكتاتورية طبقة العمال، دوراً رئيسياً في إنجاز وإنجاح هذا التحوّل التاريخي الثوري، حيث تمثّل هذه الديكتاتورية العمّالية «مرحلة انتقالية تلى مباشرة الثورة الاشتراكية، وتتميّز باستبدال الدولة البورجوازية بدولة تمارس فيها البروليتاريا وحدها السلطة، وهو ما يمكّن من الانتقال إلى مجتمع بلا دولة ولا طبقات، ويوضّح كارل ماركس-Karl Marx  هذا الدور الضروري لديكتاتورية البروليتاريا فى القضاء على الرأسمالية بقوله: «بين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الشيوعي، هناك فترة التحوّل الثوري للأول إلى الثاني. وتصاحب هذه الفترةَ أيضاً مرحلةُ انتقال سياسي، لا يمكن أن تكون فيها الدولة شيئا آخر إلا الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا».

ومن وجهة نظر فلاديمير لينين- Vladimir Lenin تبدو دكتاتورية البروليتاريا ضرورية ليس لإسقاط البرجوازية ومؤسساتها ودولتها فحسب وإنما هي ضرورية أيضاً للمرحلة التاريخية الفاصلة بين الرأسمالية والاشتراكية المتقدمة. وأن دكتاتورية البروليتاريا تقوم بتركيز السلطة والتنظيم الاقتصادي عن طريق توحيد الهيئات الشعبية توحيدا ً حرا ً عن طريق المركزية البيروقراطية البرجوازية. ويعتقد لينين أنها سلطة يتم الحصول عليها من خلال استعمال العنف والثورة، فهى سلطة تفرض نفسها ولا ترتبط بقانون. كما يرى أن هذه الدكتاتورية تتطلب استعمال العنف بشكل سريع وحاسم ودون شفقة لتحطيم مقاومة المستغلين والرأسماليين وأصحاب الأملاك. حيث كلما تخلت هذه الدولة عن الديمقراطية المنافقة كلما جاءت مرحلة إحلال الحرية الحقيقية سريعاً. وكنتيجة لهذا التحول ستضمحل مظاهر الإكراه والعنف تدريجياً.

وفي تعريف مهم جداً لدكتاتورية البروليتاريا يقول لينين: «أن دكتاتورية البروليتاريا هي سيادة البروليتاريا على البرجوازية سيادة لا يحدها قانون، وهي تستند إلى العنف، وتتمتع بعطف الجماهير الكادحة والمستثمرة» لينين: الدولة والثورة

الناظر في التعريف السابق يستنتج أموراً أساسية هي:

١- إن دكتاتورية البروليتاريا لا يمكن أن تكون ديمقراطية كاملة، أي لا يمكن للبروليتاريا أن تكون ديمقراطية كاملة، أي لا يمكن للبروليتاريا أن تسمح للجميع، أغنياء وفقراء، بالتشريع والحكم. ويؤكد لينين ذلك بوضوح في موضع آخر، فيقول: «أن الطبقة التي أخذت بأيديها السيادة السياسية، قد أخذتها وهي تدرك أنها أخذتها وحدها. وهذا ما يتضمن مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا. ولا معنى لهذا المفهوم إلا عندما تدرك الطبقة أنها تستولي وحدها على السلطة السياسية، فلا تخدع نفسها ولا الآخرين بأقاويل عن (سلطة كل الشعب المنتخبة من الجميع والتي يقدسها الشعب بأسره». 

٢- إن الهدف من ديكتاتورية البروليتاريا هو القضاء على خصومها البرجوازيين، وذلك لا يحصل سلماً، بل يتم بالعنف.

٣- إن دكتاتورية البروليتاريا يجب أن تنال عطف أكثرية الجماهير العاملة… (عطف وليس مشاركة).

ومع ذلك فدكتاتورية البروليتاريا تسمح بمشاركة الشغيلة غير البروليتاريين بشرط سيادة البروليتاريين. يقول لينين: «إن دكتاتورية البروليتاريا هي شكل خاص لتحالف طبقي بين البروليتاريا، طليعة الشغيلة، والفئات الغفيرة من الشغيلة غير البرولتاريين (برجوازية صغيرة، صغار أرباب العمل، مثقفون، إلخ)… وهو تحالف موجه ضد رأس المال».

ويعتبر فريدريك أنجلز من الأوائل الذين أقاموا فكرة دكتاتورية البروليتاريا في كتاباته حيث أعتبر أن الثورة الاشتراكية سينتج عنها وضع دستور ديمقراطي وإلى سيطرة البروليتاريا سيطرة مباشرة أو غير مباشرة.

وعند صدور البيان الشيوعي 1848 أكد ماركس وانجلز بأن استسلام البروليتاريا للسلطة السياسية هو أحد أهم أهداف الشيوعيين كما أعتبر ماركس لاحقاً بأن دكتاتورية طبقة البروليتاريا تعد مرحلة ضرورية للقضاء على نتائج الفروق الطبقية في المجتمعات. لقد كانت أهم نتيجة استخلصها ماركس في تحليله أن الصراع الطبقي في المجتمعات سيؤدي حتماً للوصول إلى مرحلة دكتاتورية البروليتاريا حيث أن دكتاتورية البروليتاريا تعد نموذجاً جديداً للدولة يتميز بقطعية كاملة مع النموذج الرأسمالي للحكم ويهدف إلى الوصول للمجتمع اللاطبقي البعيد عن جميع أشكال الاستغلال. ويرتكز هذا النموذج على:

- أن يكون على رأس المجتمع الجديد جهاز (سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية ) منتخب بالاقتراع العام.

- إلغاء السلطة القمعية للحكومة والجيش والبيروقراطية المركزية.

- تجريد البوليس السياسي من مهامه السياسية.

- جعل النواب والموظفين وفروع الإدارة يتقاضون أقل من أجر العامل .

- جعل أجهزة الدولة لخدمة المجتمع لا غير.

 

الديمقراطية العمالية أو ديكتاتورية البروليتاريا:

الديمقراطية العمالية مفهوم نظري ينطلق من القول بأن لا ديمقراطية مطلقة ممكنة، والواقع الطبقي للمجتمعات الآن يستلزم انحراف الديمقراطية المطبقة لصالح الطبقة المسيطرة سياسياً ضمن التركيبة الاجتماعية القائمة، فالديمقراطية الليبرالية بشكلها المطبق حالياً تعتبر في صالح البرجوازية، لأنها موضوعياً لا تعطي الطبقات غير البرجوازية الإمكانية للوصول إلى مواقع متقدمة سياسياً في مؤسسات الحكم، لأن الآلية التي تعتمدها هذه الديمقراطية تحتاج إلى وفرة مالية عالية، بالإضافة إلى دعم كبير من وسائل الأعلام، وكلا العاملين مسيطر عليهما ضمن المجتمعات الرأسمالية من قبل الطبقة البورجوازية.

لكن تطبيق الديمقراطية العمالية غير ممكن بدون امتلاك الطبقة العاملة لوعي طبقي مناسب يؤهلها لإدراك المسار التاريخي للمجتمع الإنساني، وبالتالي إدراك الأداء المطلوب منها ضمن المرحلة التاريخية المحددة. وإن لم تستطع الطبقة العاملة، لا طليعتها السياسية فقط، من إدراك هذا المسار، فإن تطبيق الديمقراطية العمالية يصبح منتقصاً موضوعياً.

وفقاً لماركس، فإن المرحلة الاشتراكية تتميز بأن يتقاضى كل فرد وفقا لعمله، بعد اقتطاع ما يذهب للصندوق المشترك. ولكن ما يحصل فعلا في هذه المرحلة الأولى لدكتاتورية البروليتاريا هو أن يتقاضى كل فرد وفقاً للأجر الذي يعتبر ملائما لمستوى الاضطهاد أو التضحية الوظيفية. يعني ذلك أنه لابد من انتزاع فائض قيمة من العامل دون أن يعود للطبقة العاملة ولا أن يذهب “للصندوق المشترك”، وبالتالي يشكل هذا اضطهادا أو تضحية.

 

المصادر والمراجع:

محمد بودهان، لماذا تحققت تكهنات ماركس بخصوص البروليتاريا؟، صحيفة هسبريس.

طارق تاحى، محاضرة بعنوان: نظرية الدولة فى المدرسة النقدية الكلاسيكية، المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية.

التعددية الحزبية ودكتاتورية البروليتاريا في روسيا، مجلة الوعى، العدد 35، 3 يونيه 1990.  

شاهر إسماعيل، الديمقراطية وتجلياتها “الأشكال التي ظهرت بها والأبعاد التي ذهبت إليها”، المركز الديمقراطى العربى، 28/4/2014.

تروتسكي، ليون: “عشية الحرب العالمية الثانية”، من كتابات ليون تروتسكي (1939- 1940)، ترجمة: تامر خورما.

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia