ادعمنا

كوسوفو - Kosovo

يعتبر اقليم كوسوفو من المناطق الاستراتيجية التي نالت اهتمام الدول الكبرى، فكانت محل أطماع هذه الأخيرة مما جعل تاريخها زاخما بالنزاعات، منذ سيطرة الدولة العثمانية عليها إلى غاية اليوم...

التعريف بإقليم كوسوفو:

  • الإطار الجغرافي:

تقع ولاية كوسوفو في شبه جزيرة البلقان يحد الولاية من جهة الشمال مملكة صربيا، ومن جهة الغرب البوسنة، ومملكة قرة طاغ، وولاية اشقودره، ومن جهة الجنوب ولايتي مناستر وسلانيك، ومن جهة الشرق ولاية سلانيك أيضاً وبلغاريا، وتقع الولاية فلكيا بين خط الطول  20،8 – 17،3شرقا، ودائرة العرض 43،28 – 41،6 شمالا، ولإبراز أهمية هذه الرقعة الجغرافية بالنسبة للطرفين هو تمسك كل طرف بتسميته الخاصة للإقليم واختلف حول تسميته، وفي الحقيقة فهو اختلاف بـين الألـف والـواو، فالألبان يطلقون عليه اسم كوسـوفا  Kosova أو كوسـوف Kosove بينمـا الـصرب يتمسكون بكوسوفو Kosovo، والمصطلح الأكثر اسـتعمالا سـواء فـي اللغـة الإنجليزية أو الفرنسية هو اسم كوسوفو.

  • الإطار البشري:

تنتمي كوسوفو إلى منطقة البلقان ضمن حوض الدانوب الذي يمثل وحدة جغرافية طبيعية وتعددية عرقية بسبب تداخل هجرات متنوعة الجناس غزته واستقرت فيه وفي محيطه الجبلي اذ مثل انفتاحه على الشرق مدخل سهل لتحركات أقوام عدة من السهول الروسية وما وراءها لذا فإنه يضم أقوام متباينة في أصولها ولغاتها ومتنوعة في دياناتها وثقافاتها، وهذا ما سيتم توضيحه في ما يلي:

العرق: يتميز الإطار البشري في اقليم كوسوفو بالتنوع حيث نجد فيه: الألبانيون 92.9%، والبوسنة 1.6%، والصرب 1.5%، والترك 1.1%، والأشكالي 0.9%، والمصرية 0.7%، والغوراني 0.6%، والروماني 0.5%... وغيرها 

اللغات: الألبانية وهي اللغة الرسمية 94.5%، والبوسنية 1.7%، والصربية وهي لغة رسمية 1.6%، والتركية 1.1%.. باللإضافة إلى لغات أخرى.

الديانة: وفقا لعام 2011م تم إحصاء ديانات سكان كوسوفو وهي كالآتي: الإسلام 95.6%، والروم الكاثوليك 2.2%، والأرثوذكسي 1.5%، بالإضافة إلى بعض الديانات الأخرى.

الإطار الاقتصادي:

 كوسوفو غنية بالثروات الطبيعية، فهـو يحتـوي علـى %50 من احتياطي النيكل في يوغسلافيا، و %48 من الزنك والرصاص و  %47 مـن المغنسيوم ورغم هذه الثروات الطبيعية لإقليم كوسوفو إلا أنه بقي من أفقر المناطق في يوغسلافيا وأقل نموا مقارنة بالجمهوريات اليوغسلافية الأخرى، إضافة إلى أن الإقليم من أفقر الأقاليم فهو يعاني من مشكل البطالة، فأعلى نسبة بطالة في يوغسلافيا نجـدها فـي كوسوفو التي تمثل مرتين ونصف عن المعدل اليوغسلافي العام و %70مـن الـشباب عاطلين عن العمل تتراوح ما بـين  20و 25سـنة.

 

الجذور التاريخية لإقليم كوسوفو:

امتداد النفوذ العثماني في كوسوفو:

تمكن الملك الصربي "دوشان 1331_1352" من احتلال كوسوفو، ولكن لم يستمر هذا طويلا، حيث تعرضت صربيا إلى هزيمة منكرة من القوات العثمانية في كوسوفو سنة 1389 أسفرت عن مقتل ملكها، أسفرت المعركة عن توطيد السيطرة العثمانية على معظم جنوب شرق أوروبا، واستمرت الدولة العثمانية تدير كوسوفو وأسس لها كيان إداري وسياسي خاص، فتأثرت بالحركات الاستقلالية التي عمت منطقة البلقان، وعندما امتنع الألبان من الاستجابة للتحريض الروسي، والمشاركة مع روسيا في حربها ضد الدولة العثمانية منحت روسيا قسما من الأراضي الألبانية إلى بعض الدول البلقانية بموجب معاهدة "سان استيفانو"، لكن أثارت النجاحات الروسية مخاوف الدول الأوروبية فاتفقت على عدم تنفيذ هذه الاتفاقية.

كما سعت الصرب لضم كوسوفو إلى كيانها حتى نجحت في تحقيق ذلك سنة 1912، إلى أن السيطرة الصربية لم تستمر طويلا إذ سرعان ما خضع كوسوفو لاحتلال النمسا خلال سنوات الحرب العالمية الأولى "1914_1918" قبل أن يعود مرة أخرى إلى السيادة الصربية بموجب قرارات مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919.

أوضاع كوسوفو في مملكة يوغسلافيا:

طبقا لقرارات مؤتمر الصلح أصبح كوسوفو جزءا من مملكة الصرب والكروات وسلوفينيا التي أعلن قيامها سنة 1918، حيث كان الحاكم دكتاتوريا فلم يسمح الملك "الكسندر 1921_1934" لغير الصرب المشاركة الفاعلة في إدارة الدولة، لذلك بقي كوسوفو منطقة زراعية متأخرة، وبقيت المشاكل الاجتماعية المتراكمة بدون حلول، ولم يتم الاعتراف بالحقوق القومية للألبان، ونزعوا ملكية الأراضي من كبار المزارعين المسلمين ومنحها للصرب الدين التحقوا بالجيش الصربي سنة 1918، ولم يتحسن الوضع في كوسوفو بعد اغتيال الملك الكسندر في عام 1934 واختيار ابنه "بيتر" إذ أصبح الأمير "بول"  وصيا على العرش لكون "بيتر " قاصرا، وبذلك استمر الوضع في كوسوفو كما كان سابقا، ولم يكتف النظام بتجريد  الألبان من أراضيهم بل قام بتهجيرهم من موطنهم الأصلي وإحلال الصرب محلهم.

الإدارة الدولية على كوسوفو:

شهدت السنوات الممتدة بـين 1989_1999 رواج واتسـاع حـالات القتـل والعنـف والتهجيـر القسـري، التــي مارســتها الدولـة الصــربية ضــد سـكان اقلــيم كوســوفو، ممــا ولــد اســـتياء عالميـــا واســـعا، الامـــر الـــذي اســـتوجب ان تتحـــرك الكثير من الدول جراء ضغوطات الرأي العام الاوربـي، لإدانـة وايقـاف تلـك الممارسـات العنيفـــة والقاســية، التـــي تعـــرض لهــا ســـكان الاقلــيم، وازاء ذلــك، فقــد اتجــه الجميــع، نحــو استحصــال جملــة مــن القــرارات الدوليــة مــن مجلــس الامـــن الـدولي، ضـد ما يحصــل فـي كوســوفو، ورغـم كثــرة ما صـدر عــن المجلـس مــن قـرارات، الا انــه عجـز عــن اتخـاذ قـرار يسـمح لـه باسـتخدام القـوة العسـكرية، مثلمـا حصــل فـي حالــة العـراق عــام 1990، ولما فشــل مجلــس الأمــن فــي تحقيـــق ذلــك، فــأن حلــف شـــمال الاطلســي "النــاتو" فــرض امـــرا واقعـا، مــن خـلال الاقــدام علـى اسـتخدام القــوة العسـكرية ضــد يوغســلافيا فـي سنة 1999 دون الانتظار الى صـدور قـرارات دوليـة جديـدة مـن المجلـس، الـذي تحـول دوره بعـد ذلـك، الـى مجـرد اضـفاء الشـــرعية علــى قـــرارات وســـلوك النـــاتو خــلال مراحــــل تطـــور هـــذه القضـــية.

وقـــــد أوضـــــح قـــــرار مجلـــــس الأمــــــن الــــدولي المـــــرقم "1244"  الصـــــادر فـــــي سنة 1999 ضــرورة أنى يوضـع اقلـيم كوسـوفا تحـت ادارة بعثـة الامـم المتحـدة على أن يتولى حلف الناتو المهام الامنية فيه، مـع ضـرورة تشـكيل قـوات أمـن دوليـة تـرابط فـي اقلـيم كوسوفا ، كمرحلة أولية لإقرار السلم الاهلي، ولترتيب الاوضاع السياسية التي تـؤول اليهـا الاوضـاع مـن خـلال لجنـة دوليـة، تضـع تقريـرا نهائيـا يكـون ملزمـا لجميـع الاطـراف، حيث شكلت هذه التقارير اللبنة الأولى نحو استقلال الاقليم عن السيادة الصربية.

تحقيق الاستقلال لكوسوفو:

قوبل تقرير "أمارتي اهتساري" الرئيس الفنلندي السابق بشأن الاستقلال بـالقبول مـن اغلبيـة المجتمـع الـدولي، وعارضـته بعـض الـدول الاوربية، بعضها من داخل الاتحاد الاوربي، مثل "اسبانيا، اليونان، قبرص ، رومانيا " وبعضها مـــن خـــارج الاتحـــاد، وكانـــت المعارضـــة الاشـــد، قـــد جــاءت مـــن روســـيا، التـــي تجــد فـــي اســــتقلال كوسوفو، تفكيكا لآخـر معاقـل نفوذهـا فـي الاقلـيم البلقـاني، لكــن كوســـوفو نجحـــت فــي حشـــد التأييـــد الــدولي مـــن خلال سعيها لاستمرار الدعم الدولي لها عسكريا وماليـا ، وكـان أكثـر الـداعمين لهـا الولايـات المتحـدة الامريكية وعموم دول الاتحاد الاوربـي، وهـذا ما مكنهـا فـيأن يعلـن البرلمـان الكوسـوفي فـي سنة 2008 اســتقلال كوســوفو، كدولـــة مســتقلة ذات ســيادة كاملــة علـــى اقليمهــا الجغرافــي. 

 

الموقف الدولي من استقلال كوسوفو:

لقد تباينت المواقف الدولية حول استقلال كوسوفو وهذا ما سيتم توضيحه:

موقف الولايات المتحدة الأمريكية:

لقد أيدت الولايات المتحدة الأمريكية اسـتقلال كوسوفو حيث عبرت الإدارة الأمريكية في سنة 2007 عن تأييدها لمخطط المبعوث الأممي، وصفته بأنه معقول ومتوازن لاستقرار وازدهار كوسوفو في ظل مجتمع متعـدد الأعراف،  وأكدت مساعدة وزيـر الخارجيـة الأمريكيـة "Nicholas Burns" تأييـد الولايات المتحدة الأمريكية استقلال كوسوفو ووصفته بأنه شرعي معقـول وقـانوني، واعتبر الموقف الأمريكي المخطـط شرعيا وقانونيا وهو بصفة غير مباشرة يقيد ادعاءات السلطات الصربية التـي اعتبرتـه خرقا للاندماج الإقليمي وسيادة صربيا على كوسوفو. 

الموقف الروسي:

يعتبر الموقف الروسي أهم عقبة في وجه تطبيق مخطط "أمارتي اهتساري" الرئيس الفنلندي في كوسوفو، وفور نشر التقرير رفضته روسيا وهددت باستخدام حق الفيتو فـي مجلـس الأمن الدولي ضد أي قرار يؤيد استقلال الإقليم وترى روسـيا أن أي قرار خارج الشرعية الدولية سيعرض منطقة البلقان إلى انتفاضـة عرقيـة، وليس الموقف الروسي المعارض لمخطط "أمارتي اهتساري" مبنيا على العلاقات التاريخية الروسية اليوغسلافية بسبب الترابط الديني الأرثوذكسي والعرقي بقدر ما هـو محاولـة لإعادة الظهور على الساحة الدولية كدولة مؤثرة، وهددت عدة مـرات بأنهـا سـتعترف بالمتمردين الجورجيين في أبخازيا وجنوب أوستيا كدول مـستقلة إذا انفصلت كوسوفو عن صربيا.

الموقف الصربي:

عقب تصويت برلمان كوسوفو على الاستقلال، أعلن وزير الخارجية الصربي "فوك يريميش" أن صربيا لا توافق على الاستقلال، وستتصدى سياسيا ودبلوماسيا على كل المستويات لهذا القرار غير الشرعي، و حاولت صربيا وروسيا جعل الأمم المتحدة تلغي إغلاق استقلال كوسوفو، إلا أن جهودهما باءت بالفشل.

موقف الصين: 

وقد رفضت الصين أيضا إعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد إذ تخشى بكين من محاولات تعميم التجربة على تايوان و أبدت وزارة الخارجية الصينية قلقها العميق من هذه الخطوة مؤكدة ضرورة حل الأزمات في إطار الأمم المتحدة.

والموقف الصيني هو الموقف ذاته الذي تبنته دول مثل الهند و إسبانيا و اليونان و بلغاريا و كل منها لديه مجموعات تطلب بالانفصال لاعتبارات عرقية أو تاريخية.   

المصادر والمراجع:

حميد حمد السعدون، "كوسوفا ومشكلة بناء الدولة"."مجلة الدراسات الدولية "،ع46، ب.س.ن.

علي خليل أحمد، " الصراع الإثني في كوسوفو: دراسة تاريخية". "مجلة جامعة كركوك للدراسات الانسانية"،ع1، مج5، 2010.

حوراء عبد الأمير كاظم، "التقسيمات الإدارية في ولاية كوسوفو 1878_1913". "مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية"،ع36، 2017.

أمنة محمد علي، "الاسلام السياسي في كوسوفو وتحديات وجوده". "مجلة العلوم السياسية"، ب.س.ن.

عائشة بن الزغدة، "العلاقات الروسية الأمريكية بعد فترة الحرب الباردة: دراسة حالة اقليم كوسوفو". جامعة محمد خيضر بسكرة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، فرع سياسة مقارنة،2010.

رابح مرابط، "أثر المجموعة العرقية على استقرار الدول: دراسة حالة كوسوفو". جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، فرع العلاقات الدولية، أطروحة  لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية، 2009.

رهام غازي أبو دولة، "أين تقع كوسوفو"، مقال منشور عبر موقع موضوع بتاريخ 2015/03/15، آخر دخول 2020/07/15، الساعة 14:02.

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia