مقال أكاديمي محكم
لدرجة وعي الشعب وثقافته أهمية قصوى في تحديد ما يجب ان يعترف به للأفراد من حقوق وحريات، ولا سيما الحقوق والحريات السياسية، فكلما كان المواطن على مستو عالٍ من الوعي والادراك، كلما كانت فرصة اهتمامه، بل ومشاركته وتأثيره في العملية الديمقراطية أكبر من خلال المشاركة في الحياة السياسية ومن ذلك الانتماء الى حزب سياسي او جمعية او جماعة ضاغطة أو ما شابه. لذا فأن مساهمة الجماهير في عملية صنع القرار السياسي وبناء نظام الحكم ومؤسساته السياسية والدستورية تتطلب ان تكون هذه الجماهير على مستوى معين من الثقافة والدراية السياسية، ولا يمكن الوصول الى هذا الهدف إلا إذا تم رفع مستويات أكبر عدد من هؤلاء عن طريق التربية والتعليم وهما يقتضيان بتحسين الوضع المعاشي لهم ورفع المستوى الاقتصادي وبالشكل الذي يمكن من خلاله تهيئة مؤسسات التربية والتعليم والجامعات والمراكز الثقافية ودور النشر والصحافة والاعلام و الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني عموماً فضلاً عن توفير أجواء الاستقرار والأمن الاجتماعي والسياسي. على ذلك فقد سادت في أوساط المجتمع العراقي ثقافة شاملة مسيطرة، ولم يكن هنالك أي مجال لنمو وتبلور ثقافة وطنية تقوم على أساس تعزيز الأوامر والروابط المشتركة بين أبناء البلد الواحد وتأخذ بنظر الاعتبار وجود الثقافات الفرعية - الدينية والعرقية والطائفية والعشائرية والاقليمية - وضرورة احتوائها في اطار وطني من جانب ولا تعمل على الغائها من جانب آخر. على ذلك فإن المجتمع العراقي لم يكن بعد التغيير مهيأ لممارسة ديمقراطية حقيقية ولم يمثل هذا التحول بادرة ايجابية باتجاه التحول الديمقراطي كما كان يتوقع الكثيرون، بل أن التحرر من القيود الصارمة التي كان يفرضها النظام السابق سببت انفلاتاً وفوضى عمت البلاد ولم يكن للضوابط الأخلاقية والدينية والاجتماعية حضوراً على الساحة العراقية الا ماندر منها وكل ذلك جرى تجنياً على الديمقراطية وباسم الحرية المطلقة وفي ظل غياب شبه تام للسلطة والقانون. ان الإشكالية الأساسية في هذا الاطار تكمن في ان الديمقراطية ينبغي ان تنبع من الواقع الاجتماعي، والمشكلة ان هذا الواقع شهد طغيان الولاءات والانتماءات العرقية والدينية والطائفية والاقليمية - وبفعل عوامل وقوى دولية واقليمية - على حساب الانتماء الوطني، وذلك بعد التغيير بمدة وجيزة. على ذلك فان عملية التحول الديمقراطي الحقيقي لا يمكن ان تتحقق مالم تتوافر شروط ومقومات وأسس ضرورية ومن أبرزها العمل على رفع المستوى الثقافي لابناء المجتمع وتوعيتهم وتنمية مدركاتهم مع العمل على تنشئة الأجيال الجديدة اجتماعية - سياسية سليمة تقوم على أساس تنمية روح الحوار والتسامح وتعزيز وآواصر التضامن والتآخي ونبذ العنف والتعصب وترجيح كفة الانتماء الوطني على حساب الانتماءات الأخرى مع التأكيد على قبول الجميع بالجميع.
الكلمات المفتاحية: معوقات، التحول، الديمقراطي، العراق.ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ
ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.
اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.