مقال أكاديمي محكم
لقد قسم الدستور الأمريكي المؤسسات التي تشارك في عملية صنع الاستراتيجية او تؤثر في صناعتها الى ثلاث مؤسسات، هي المؤسسة التشريعية (الكونغرس)، المؤسسة التنفيذية (الرئاسة)، والمؤسسة القضائية (المحكمة العليا)، ولكن الدستور لم يضع حدوداً واضحة لدور كل منها كي تقف عنده وهو ما ولد اختلافات وتنازعات دستورية فيما بعد. ولان الدستور لم يضع حدوداً فاصلة اما سلطات وادوار كل مؤسسة، فأن موضوع تخويل الرئيس الأمريكي الدخول في حرب بوصفه قائداً عاماً للقوات المسلحة بموجب الدستور، اخذ يثير نقاشات وسجالات داخل الكونغرس الذي يرى أعضاؤه ان واضعي الدستور خولوه - الكونغرس - سلطة اعلان الحرب ليضمنوا ألا يكون لرجل واحد سلطة توريط الولايات المتحدة في الحرب. وعلى الرغم من ذلك خرج الكثير من الرؤساء عن الغاية الأساسية ولم يتورعوا عن الدخول في اكثر من حرب دون أخذ موافقة الكونغرس، او اللجوء الى أساليب تضليلية وضغوط للحصول على تلك الموافقة. وقد شكل عام 1973 تاريخاً فاصلاً لقضية التنافس الرسمي في عملية رسم الاستراتيجية بين السلطة التنفيذية ممثلة بمؤسسة الرئاسة، وبين السلطة التشريعية ممثلة بالكونغرس. فقبل هذا التاريخ ومنذ الحرب العالمية الثانية تقريباً احتفظت مؤسسة الرئاسة بالدور المهيمن في عملية رسم الاستراتيجية، إلا انه ومنذ ذلك التاريخ اخذت تلك الهيمنة بالتراجع بسبب ما آل اليه مركز مؤسسة الرئاسة من ضعف بسبب اثار فضيحة ووتر غيت، وكذلك بسبب اثار الهزيمة المذلة للولايات المتحدة في حرب فيتنام وما رافقها من صدور قانون سلطات الحرب عام 1973 الذي حدد كثيراً من صلاحيات مؤسسة الرئاسة في خوض قرارات الحرب او الاستمرار بها دون موافقة الكونغرس. وكما ان منتصف 1973 عد تاريخاً فاصلاً، فان احداث 11 أيلول 2001 عدت هي الأخرى تاريخاً مهماً لتحديد طبيعة دور مؤسسة الرئاسة في صنع الاستراتيجية الامريكية. فمنذ هذا التاريخ اخذت مؤسسة الرئاسة تستعيد شيئاً فشيئاً دورها المتراجع، لتهيمن على رسم الاستراتيجية، رافق ذلك ضعف واضح ان لم يكن غياباً في دور الكونغرس في ذلك بحكم طبيعة الظروف التي مرت بها الولايات المتحدة ونوعية الاعتداءات عليها واثرها، فضلاً عن سيطرة الجمهوريين على الكونغرس وسيرهم خلف سياسات الرئيس، وهو ما أدى لان تعود مؤسسة الرئاسة الى ممارسة الهيمنة التي كانت سائدة قبل عام 1973. الا ان تطورات الازمة الامريكية في العراق والفشل او الإخفاق الذي أصاب الاستراتيجية فيه، فضلاً عن زيادة المطالبة من الكونغرس ذي الأغلبية الديمقراطية بان يؤدي دوره الدستوري بصفته شريكاً في العملية، هذه الأمور طرحت الى الواقع قضية التنافس الداخلي والحزبي الامريكي ومدى تأثيرها من عدمه على مستقبل الاستراتيجية الامريكية في العراق. وفي هذا الصدد، يبقى المهم معرفة مدى تأثير التنافس الداخلي في الولايات المتحدة على مستقبل الاستراتيجية الامريكية في العراق، والى اي مدى ستتأثر تلك الاستراتيجية بذلك التنافس، هل ستتغير معالمها كلياً؟ ام ان التنافس الداخلي لن يؤثر على الخطوط العامة للاستراتيجية، وانما سيكون التغيير في التكتيكات فقط؟ ان الإجابة عن هذه التساؤلات ستشكل محور هذا البحث.
الكلمات المفتاحية: التنافس، الداخل الأمريكي، الاستراتيجية الامريكية، العراق.ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ
ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.
اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.