ادعمنا

الضريبة - Tax

إن التطور السريع الذي شهده العالم واتساع نطاق المعاملات التجارية والمالية أجبر مختلف دول العالم على إيجاد وسائل وموارد جديدة لتمويل مشاريعها ونفقاتها العامة، ومن بين أهم هذه الموارد نجد الموارد الجبائية التي تلجأ إليها الدول لتغطية متطلباتها الاقتصادية.

من هنا يظهر لنا الدور الذي تلعبه الضريبة باعتبارها أهم مورد يمول الخزينة العامة للدولة ووسيلة لتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي واعتبارا لهذه الأدوار الهامة التي تلعبها في تدعيم إيرادات الدولة أصبحت موضوع اهتمام رجال الفكر المالي سعيا منهم لإيجاد حلول ايجابية وفعالة للأزمات المالية والاقتصادية، أي إشباع الحاجات المتزايدة. ومن هذا المنطلق أصبح الحديث عن موضوع الضرائب علما قائما في كل أقطار العالم.

تعددت التعاريف التي أعطاها علماء المالية والمفكرون الاقتصاديون للضريبة ولعل أهمها: 

«هي اقتطاع نقدي مالي تقوم به الدولة عن طريق الجبر من ثروة الأشخاص الآخرين دون مقابل خاص بدفعها وذلك بغرض تحقيق نفع عام»

«الضريبة هي وسيلة لتوزيع الأعباء العامة بين الأفراد، توزيعا قانونيا وسنويا طبقا لقدراتهم التكليفية» 

«هي اقتطاع نقدي جبري نهائي يتحمله المكلف، ويقوم بدفعه بلا مقابل وفقا لمقدرته على الدفع مساهمة منه في الأعباء العامة أو لتدخل الدولة لتحقيق أهداف معينة» 

ومن هذه التعاريف يمكن إعطاء تعريف شامل يرتبط بالواقع العملي للضريبة يتمثل في أنها اقتطاع مالي نقدي، تقوم به الدولة من أموال الأفراد إجباريا وبصفة نهائية، دون مقابل وفقا لقواعد تشريعية مقررة، بغرض تمويل أنشطتها لتحقيق النفع العام.   

من التعاريف السابقة يمكن استخلاص خصائص الضريبة التالية:

- الضريبة هي اقتطاع نقدي: ويقصد بذلك أن المكلف بالضريبة يقوم بدفعها لصالح الدولة في صورة نقدية، عكس ما كان عليه الحال في السابق، أين كانت تدفع الضريبة بشكل عيني وهذا بتقديم الأفراد جزءا من محاصيلهم الزراعية أو بالعمل لأيام معدودة لصالح الدولة إلا أن نظام الضريبة العينية لم يكن عادلا عند فرض الضريبة على الناتج الإجمالي دون النظر إلى تكاليف الإنتاج المكلف.

- الضريبة فريضة إلزامية: أي أن للفرد الحرية في دفع الضريبة أو عدم دفعها، ولا في اختيار مقدارها ولا في كيفية دفعها وموعدها، بل هو مجبر على دفعها وهذا ما يميزها عن غيرها من الإيرادات المالية الأخرى.

- الضريبة تفرض من قبل الدولة: تفرض الضريبة على كل شخص قادر على الدفع تبعا لمقدراته المالية فالضريبة هي طريقة لتقسيم الأعباء العامة بين الأفراد وفقا لمقدرتهم.

- الضريبة تفرض دون مقابل: كانت الضريبة هي التأمين الذي يدفعه المكلفون للدولة كي يؤمنون به على حياتهم وأموالهم، لكن الفكر المالي الحديث يرى أن الضريبة هي تضامن اجتماعي أي تفرض على كل الأفراد بغض النظر عن المنافع التي تعود عليهم من جراء قيام الدولة بدورها في النشاط الاقتصادي والاجتماعي وهكذا انتقلت فكرة المقابل الملموس في فرض الضريبة وأصبحت فريضة بدون مقابل.

 

قواعد الضريبة 

هي قواعد تعود إلى الإقتصادي أدم سميث  Adam Smith في كتابه ثروة الأمم وهذه القواعد لازالت سارية أهميتها إلى حد الآن وهي ترتكز غالبا علي أربعة قواعد وسوف نتناول كل قاعدة على حدى فيما يلي:

- قاعدة العدالة والمساواة في المقدرة:

على مواطني كل دولة أن يساهموا في النفقات الحكومية حسب قدراتهم التكلفية تناسباً مع دخل الذين يتمتعون به تحت حماية الدولة، ووفقا لهذه القاعدة يجب أن يوزع العبء المالي للضريبة على جميع الأفراد وتكون مساهمة الفرد في نفقات الدولة وفقا لدخله، وبالتالي فالعدالة لا تعني أن المكلفين بدفع الضريبة مطالبون بنفس المبلغ وإنما تعني مشاركة كل فرد المعنويين والطبيعيين في الأعباء العامة لدولة وذلك حسب القدرة التكليفية، وقد أوجد المفكرون الماليون في الضريبة التصاعدية الأداة المثلى لتحقيق مبدأ العدالة والحد من التفاوت في توزيع الدخول.

- قاعدة اليقين والوضوح:

يجب أن تكون الضريبة أو جزء منها يلزم كل فرد بدفعها، أن تكون يقينية وليست عشوائية، كون الضريبة إلزامية تحددها السلطات المركزية لقانون يحدد فيه معالم الضريبة من حيث نسبتها ووعائها ومواعيد تحصيلها والإعفاءات الخاصة بها حتى يكون المكلف بها على دراية تامة بالنصوص القانونية بها وهذا لا يأتي إلا إذا كانت النصوص التشريعية مستقرة وثابتة وليست عرضة التبديل والتغيير دون أن يترك ذلك لاجتهاد الإداريين. 

- قاعدة الملائمة في التحصيل:

يجب أن تحصل كل ضريبة في الفترة وحسب النمط الذي يمكن أن نراه الأكثر ملائمة للمكلف بالضريبة وبالكيفية الأكثر تيسيرا له، بحيث يحاول كل نظام ضريبي الوصول إلى مفهوم الملائمة في جباية الضرائب أي يجب أن يكون موعد دفع الضريبة من الممول إلى الخزينة العمومية يتلاءم مع موعد تحقق الوعاء الخاضع للضريبة.

- قاعدة الاقتصاد في النفقات:

المقصود في الاقتصاد في النفقات الجبائية هو أن يكون الفرق بين ما يدفعه المكلفون من ضرائب وما يدخل منها إلى الخزينة العامة في أقل مبلغ ممكن وهذا الأمر يتطلب فرض الضرائب التي تكثر إيراداتها وتقل نفقات تحصيلها ولذلك تسعي إدارة الضرائب باختيار أسلوب الجباية والتحصيل الأقل لكي لا تضطر الدولة إلى التوسع في فرض الضرائب، وفي الوقت الحاضر يتم استعمال الإعلام الآلي الذي تسيره  طاقة بشرية مكونة بهدف التقليل من التكاليف وبالرغم من هذا فان قاعدة الاقتصاد ليس من السهل تطبيقها فهناك ضرائب يستدعي جمعها عددا كبيرا من العاملين عليها وهذا يتطلب أعباء ونفقات مالية مرتفعة.

 

أهداف الضريبة

تفرض الضريبة على الأفراد من أجل تحقيق أهداف معينة يأتي في مقدمتها الهدف المالي باعتباره مصدرا هاما للإيرادات العامة، وقد تطورت هذه الأهداف بتطور دور الدولة إلى أهداف اقتصادية واجتماعية بالإضافة إلى الأهداف المالية.

- الأهداف المالية

تهدف الضريبة إلى ضمان إمداد الدولة بالموارد المالية التي تسمح لها بتمويل الأنشطة المخولة لها قانونا وقديما كان هذا هو الدور الوحيد للضريبة ما دام أن هذه الأخيرة وفي إطار الدولة الليبرالية، كان لها كهدف وحيد تمويل نفقات الدولة المرتبطة بالأمن، بالعدل، بالدفاع الوطني وبالأنشطة الدبلوماسية.

إن هذه الوظيفة مازالت قائمة إلى يومنا هذا، لكن تحول طبيعة دور الدولة إلى دور تدخلي، جعل للضريبة وظيفة اقتصادية وأخرى اجتماعية هامتين.

- الأهداف الاقتصادية

تكمن في استعمال الضريبة لتحقيق الاستقرار في الدورة الاقتصادية ومعالجة بعض الظواهر الاقتصادية منها محاربة التضخم وذلك في إطار استعمال سياسة توسعية، لامتصاص الفائض في القدرة الشرائية يجب الزيادة في الاقتطاع الضريبي، إلا أن الضريبة تقوم في بعض الأحيان بعمل انتقائي وذلك لما تميل الدولة إلى تشجيع قطاع اقتصادي معين مثلا قطاع السكن، القطاع الزراعي، أو منح تسهيلات ضريبية لتشجيع الاستثمارات وبالتالي خلق مناصب شغل والقضاء على مشكلة البطالة عن طريق التخفيض من الاقتطاع الضريبي، كما أن الدولة قد تلجا إلى رفع الضرائب على القطاعات التي تضر بنشاطها الاقتصادي.

- الأهداف الاجتماعية

وتتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية ويتم ذلك عن طريق ضبط الضريبة على أساس القدرة الشرائية لمختلف الفئات الاجتماعية، كما إن الضريبة تساهم في المحافظة على إمكانية اقتناء السلع ذات استهلاك واسع (الخبز، الحليب) وذلك عن طريق تخفيض الضريبة، أو الحفاظ على الصحة العمومية وذلك بفرض ضرائب مرتفعة على السلع التي ينتج عنه أضرار صحية كالمشروبات الكحولية والتبغ و غيرها. 

وهكذا نجد أن الضريبة تعتبر أداة من أدوات تحقيق الرفاهية العامة في الميادين الاجتماعية والمالية والاقتصادية.

المصادر والمراجع:

د.رفعت المحجوب، المالية العامة، دار النهضة العربية، بيروت، 1979.

الطالب عز الدين، اثر الضرائب على العرض و الطلب، مذكرة نهاية السنة، المعهد الوطني للمالية ،القليعة، الجزائر.

د.فيصل فخري مراد، د.عدنان الهندي، مبادئ الإدارة المالية العامة و اقتصاديتها مصادر الأموال العامة و استخداماتها، الجزء الأول،الأردن،1980.

عبد المنعم فوزي، المالية العامة والسياسات المالية، دار النهضة العربية ، بيروت ، 1965.

محرزي محمد عباس، دور الضريبة في تنمية و تطوير القطاع المالي و لبنكي، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجيستار ، 1999/2000 جامعة الجزائر.

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia